الاعتراف : كيف أصبح الفاجر قديسا !! ( 2 )
أعجب الأب الصالح بهذه الكلمات أيما إعجاب وأمتدحه على تقواه وورعه
ثم سأله : ألم تعص اللـه مع إمرأة ؟
الشقى متأوها : كيف يكون هذا يا أبانا فإننى لا أزال إلى هذه اللحظة كما خرجت من بطن أمى !
هنا صاح الكاهن : مرحى يا ولدى فليباركك اللـه جزاء ما أظهرت من حزم و عفة ! خبرنى يا ولدى هل وقعت فى خطيئة الشر ه ؟
الشقى : سامحنى يا أبانا فقد إقترفت كثيرا من هذه الخطايا بصور شتى , كان من عادتى أن أصوم كل أسبوع ثلاثة أيام عن الخبز والماء ولكنى أذكر أنى شربت فى بعض تلك الأيام ماء بلهف شديد كما يتهافت السكير على شرب الخمر و أذكر أنى إقترفت هذه المعصية مرة أخرى عند أداء فريضة الحج و أكلت خبزا أثناء الصوم
الكاهن : فليطمئن بالك يا ولدى لأن هذه الخطايا طبيعية وهذا يحدث للقديسيين
الشقى : ألا أننى أرى يا سيدى أن فى هذا خطية لأن كل عمل للـه يجب أن يعمل بلا تهاون
دهش الأب من ورعه
وقال له : لقد أدهشنى ورعك وصدق يقينك ويقظة ضميرك الحى , ولكن خبرنى يا ولدى , ألم تقع فى خطايا الطمع ؟
الشقى : نعم سكنت مع إثنين مرابيين فلم أرض مرة عن عملهما المرذول ولا ضعفت كراهيتى ومقتى لهذا النوع من التجارة و أنى لواثق أن مرضى هذا حل بى كنتيجة لغضب اللـه بسبب وجودى عندهما , و أكاشفك أيها الأب بأن الثروة الطائلة التى تركها لى أبى وقفت الجانب الأكبر منها لإعانة المنكوبين والفقراء والباقى لم أحرم الفقراء من نصف أرباحه .
القسيس : حسنا فعلت . ولكن كم مرة أخرجك الغضب عن طور الإعتدال ؟
الشقى : آه... ما أكثر وقوع ذلك لى و أنى لجدير باللوم والتوبيخ لعجزى عن كبح جماح نفسى كلما رأيت قوما مستهترين بمحارم اللـه ومندفعين فى معاصيه فلا شىء يخرجنى عن طورى أكثر من أن أرى شبانا يسرعون إلى أماكن اللهو والدنس وينأون عن الكنيسة ويحلفون صدقا و باطلا .
القسيس : ألم تشهد بالزور وتغتب أحد جيرانك ؟
الشقى : لقد وقعت لى هذه مرة مع جارى إذ كان كثير الإساءة إلى زوجته بلا جريرة وربما دفعتنى الشفقة عليها فأخبرت أهلها بما يأتيه معها من ضروب القسوة والوحشية , ولكن هناك خطية يا أبتى إقترفتها وهى أنى كلفت خادمى بتنظيف المنزل أيام الآحاد والأعياد المقدسة كما و أنى أذكر خطية شنيعة أنى بصقت فى بيت اللـه
ثم تأوه الشقى وأذرف الدمع السخين وكان ذا قدرة عجيبة على البكاء
ثم قال : أن فى قرارة نفسى خطية لا أحسب أن اللـه يغفرها لى إن لم تساعدنى بصلواتك وهى أننى أهنت أمى وشتمتها .
القسيس : خفف عن نفسك فإن الناس كل يوم يسبون الدين ثم يعترفون فيغفر لهم اللـه , وكلنا نبصق فى الكنيسة ونكلف خدامنا العمل فى الآحاد والأعياد
وإنتهى الإعتراف وباركه الكاهن ومنحه الغفران , بعد أن إعتقد صحة ما قال وآمن بكل كلمة فاه بها الشقى لأنه لم يدر فى خلد الكاهن بأن أحدا يخون الحقيقة فى اللحظة التى يتوب فيها الكافر ويؤوب إلى آخرته المسافر !!!
قال له القسيس : أرجو لك الشفاء العاجل ولكن إذا فاضت روحك الطاهرة القديسة فلن يدفن جسدك فى غير ديرنا .و عندما زهقت روحه أقبل الكهنة بموكب حافل وحملوه إلى الكنيسة و أبنه الكاهن بعبارات جعلت الناس يقبلون على جثته و أنهالوا عليها بالقبلات والسعيد السعيد من ظفر بقطعة من ثيابه تبركا . وتقاطر الناس على قبره هذا بالنذور و ذلك يتمسح بحوائط قبره وذاعت شهرته بالصلاح والقداسة ولقب بالقديس شابليت وزعم له الناس معجزات باهرة وهكذا عاش فاجرا حتى إذا مات هتفوا به قديسا طاهرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق