الاثنين، 26 سبتمبر 2011

من أجمل ما قرأت ( 4 )

من أجمل ما قرأت ( 4 )

المكر القبطى و أساتذته ( 2 )

(  القبط  )

بسم اللـه القوى

-          قالوا :  أن نجارا قبطيا إعتنق غير المسيحية دينا فعملت له الزفة اللازمة وطيف به البلد بين تهليل وتكبير وتهانى و آمانى , مما بعث الغرور فى نفسه فظن أنه أصبح طينة من غير ذى الطينة . ففى ذات يوم كان هذا النجار واقفا أمام دكانه يشتغل بقادومه فى قطعة من الخشب فمرت على دكانه سيدة قبطية كانت تلبس ملاءة جديدة فنظر إليها هذا النجار وأخذ يداعبها بالألفاظ ويتبعها بالنظرات فهوت القادوم على يده فأصابتها إصابة لابأس بها تتناسب مع سفالته فى إيذاء المرأة بساقط الألفاظ وفحش القول .
-          ولكنه عوض عن أن يكظم غيظه فى نحره ويعتبر بهذه التقمة النازلة فيعتذر لهذه المرأة عن إساءته لها ويتوب إلى ربه فيرحمه , إندفع بشدة الغضب وألقى القبض عليها وجرها فى غلظة وقساوة إلى مركز الحاكم و وهاكم صورة الشكوى التى ملأت مخ حاكم البلد : - " أن هذه النصرانية مرت على دكانى وأنا أشتغل , فزغللت عين المسلم بملاءتها اللامعة فلم أستطع رؤية القادوم فنزلت على يدىّ فقطعتها " .
-          فوجه الحاكم التهمة إلى المرأة وقال : من قال لك إلبسى ملاءة فتزغلل عين المسلم فتقطع يده ؟ ! . فأجابته المسكينة بالرد المعقول الذى يسلم به كل عاقل وقالت : ليس الذنب ذنبى لأنى ألبس ماتلبسه جميع النساء , إنما الذنب ذنبه لأنه حول نظره عن عمله وأنشغل بمراقبتى ومضايقتى إذ تتبعنى بنظراته الفاسقة ورشقنى ببذىء القول وساقط الألفاظ فنال جزاءه العادل من رب الفضيلة وحامى حمى الأعراض والشرف .
-          ولم تدر المسكينة أنها أمام رجل وليس برجل أمام حاكم وليس بحاكم أمام مخ ولكنه فارغ من المنطق , لذلك كان كلامها المنطيقى لايجد ركزا فى عقله لأن ليس هناك فى المخ مايجذب إليه منطق المرأة وقولها المعقول . وهكذا يضيع طيب القول وقوة الحجة فى كل زمان ومكان أمام العقول المحشوة بالخرافات والأوهام والسخافات وتصورات الشهوة . فما كادت المرأة تدافع عن نفسها على هذه الصورة المنطقية حتى هاج هائج الحاكم وإنفجر بركان غضبه عليها وأمر بقطع يدها عوضا .
-          ترى لماذا غضب ؟ غضب من قولها لأنه أعتبر ردها هذا موجها إليه وإعتراضا عليه لأنه وضع نفسه موضع أحد الخصوم وهو النجار . ومادام هو الذى سأل المرأة ووجه إليها التهمة التى يتهمها بها النجار , فيكون جواب المرأة هذا إعتراض على أقواله وإتهام لعقليته , وهذه جريمة تقترفها مصرية فلاحة وكمان نصرانية لذلك غضب غضبته .
-          ولما كان الظلم أكبر معلم للشعوب وأمهر جراح للأمم لأنه ينتزع من المخ صمامات طالما حجزت وعطلت ومنعت تفكيره وإشعاعه وحيله وإختراعاته , فهو كالمبرد وبقية الآلات التى يستعملها الصناع فى تنقية الجواهر من المواد الغريبة التى تحجب لمعانها وسطوعها وتدفن جمالها ورونقها .
-          فإن المرأة المسكينة ماسمعت هذا الحكم الصارم الظالم الغاشم بقطع يدها , حتى تفجرت ينابيع عقلها وإنقشعت غيومه وإنزاحت حجبه وسطع بنوره على يأسها فحوله إلى رجاء , ومن ثم تقدمت إلى الحاكم بعقل جديد ولكن ليس بمنطق جديد بل بسفسطة جديدة تتفق وعقلية هذا الحاكم . وهذا مايجب أن يكونه الإنسان العاقل فى وسط جنون الناس , أن يتكيف بحسب حالتهم لا أن يكيف الناس بحسب حالته لأن هذا محال . ومعناه أن يكلم الناس بلغتهم ويقدم لهم الطعام حسب معدتهم وأسنانهم التى يمضغون ويهضمون بها .
-          تقدمت إلى الحاكم فى صورة ولهجة من تريد أن تعترف له بسر قد تكتمته وقالت :  حقا يا أفندينا أنت فيك سر عظيم ولايمكن أن تخفى عنك خافية و مادام الأمر وصل لقطع يدى فأنا سأبوح لك بالسر وأقول لك السبب فى هذا كله . فتهلل الحاكم وطفح وجهه بشرا وسرورا وقال : جانم امال طلع اللى عندك ده أنا باطلع الكوفت . أجابته أن الصباغ الذى يصبغ لنا هذه الملاآت هو السبب فى قطع يد هذا النجار , لأنه بعد أن يصبغ الملاءة يصقلها ويلمعها حتى تخطف الأبصار ولولا عمله هذا ماحدث هذا الحادث اليوم . فابرقت أسارير الحاكم كمن إكتشف بحكمته وبراعته فى الأتهام سرا مخفيا وقال : ده كلام تمام أنت تطلع وتروح إلى حالك .
-          ونظر إلى قواصه وقال هاتوا الصباغ حالا , فلما حضر الصباغ إبتدره الحاكم قائلا : من قال لك لمع ملاءة المرأة حتى تخطف بصر النجار المسلم فتقطع يده . فإندهش الصباغ لهذا الإتهام وقال : وأنا مالى ياسيدى !! , هذه اللمعة حسب طلب أصحابها و فغضب الحاكم من جوابه وامر بقطع يده , فلما رأى المسكين هذا أنه واقف امام من لايجدى معه المنطق نفعا وأدرك النكتة عمد إلى الحيلة التى كانت وليدة وقتها وجنين الظلم والغشم فعاد وقال : ما باليد حيلة ياسيدى فأنا مضطر أن أكشف لك عن السر , فالذنب ليس ذنبى بل هو ذنب النساج الذى يتخير خيوط الغزل من النوع الذى إذا وضعناه فى الدن يطلع لامعا فلو إستحضرته إلى هنا ونبهت عليه أن لايعود  إلى هذا العمل خلصت الناس من هذا الضرر فإبتسم الحاكم فى وجهه وقال : هذا هو الكلام الجد , أنت إذهب والنساج يحضر .
-          فأحضروا النساج بدوره ووجه إليه الإتهام فأجاب بالمعقول بأن كل الخيوط والفتلات كلها سواء فى الصباغ . فصاح الحاكم فى وجهه وقال : هل أنا مش يعرف أنت عاوز تمكر علىّ ؟ , أنا لابد من أن أقلع عينك . وفعلا أمر بقلع عينه و فلحظ النساج أن هذه القضية قضية مكر لا دفاع وحيل لا برهان و إشتم رائحة سابقيه وماتركوا من أثار الحيل فإستوحى وحيهم وحذى حذوهم , لأن الروح الذى حل عليهم روح واحد هو الظلم والإضطهاد .
-          فرجع النساج عن غى المنطق وخطر الكلام المعقول أمام من لا يعقل وخاطبه بلغته وتفاهم معه على حسب عقليته وتقدم إليه وقال : ياسيدى أنت فينا بمنزلة المهندس فى المعمار تضع كل عامل فى  عمله وتأخذ الزائد عن العمل وتضعه حيث يحتاج إليه , فأنا عبدك فى حاجة إلى عينى الأثنين لأنه لما أدفع الوشيعة ( المكوك ) بيدى اليمين  أنظر إليه بعينى الشمال وإذا دفعته بيدى الشمال أنظر إليه بعينى اليمين فإذا قلعت عينى تعطلت عن العمل ويخسر أفندينا عاملا من عمال بلده , فلكى ينفذ أفندينا أمره حتى لا تنزل كلمته إلى الأرض فهوذا العتقى الذى يرقع المراكيب القديمة  تراه دائما يغمض عينا من عينيه عندما يشتغل وهو بهذا مستغن عن عينه فإذا قلعتها بدلا عن عينى فتكون بذلك قد أرحته  من غلقها وفتحها وفى نفس الوقت أبقيت عين عبدك ليخدمك بها .
-          فإقتنع  الحاكم بهذا الدفاع المتين !! وقال هاتوا العتقى فأحضروه وتلى عليه الحكم وحيثياته , فلكون العتقى لم يكن من أصل قبطى صاح وإستمر  يصيح أين العدل ؟ أين العقل ؟!!! . فامر الحاكم أن يشنقوه على باب بيته عبرة لمن يعتبر , فذهبوا به وربطوا الحبل فى واجهة بيته ووضعوا الحبل فى رقبته فلم يشنق لأن قامته كان اطول من باب البيت , والحاكم كان أمر أن تعلق المشنقة  فى العتبة العليا للبيت .
-          فعادوا إلى الحاكم وقالوا له ان الرجل لم يمت لأنه أطول من الباب وكان الحاكم قد تعب من طول الوقت الذى إستغرقه نظر هذه القضية فصاح بهم : إذهبوا الآن حتى تجدوا رجلا قصير القامة إشنقوه عوضا عنه !


***********************************************
-          نقلا عن مجلة المنارة المرقسية لصاحبها القمص سرجيوس خطيب ثورة 1919م
-          نشرت بتاريخ 26 سبتمبر سنة 1931م
_________________________

من أجمل ما قرأت ( 3 )

من أجمل ما قرأت ( 3 )

المكر القبطى و أساتذته ( 1 )

(  القبط  )

بسم اللـه القوى

-          روى الخلف عن السلف بأن أحد حكام الأرياف قديما " طلعت فى مخه " أن يتعلم المكر فأمر بأن يحضروا له قبطيا أيا كان , فخرج رجاله ووقفوا أمام باب القسم فلما مر أحد الأقباط وطبعا كان يعرف بملبوسه , ولاسيما عمامته السوداء التى كانت رمزا عن معيشته و أحواله وظروفه , أمسكوه بالقوة وأدخلوه على الحاكم أو طالب العلم فلما مثل بين يديه وهو يرتعد ويرتعش وينتفض إلى آخر ما جاء فى قاموس الخوف والهلع
-          نظر إليه الحاكم وقال : " أنا عاوز أتعلم المكر وأنت لازم تعلمنى المكر الموروث عن أجدادك " , فانقلب خوف القبطى إلى دهشة أو بالحرى إمتزج الخوف بالدهش فنشأت عنه حالة ذهول , إذ وهو الرجل الغلبان الذى لايعرف كوعه من بوعه ولايمينه من شماله , الحشرة الضعيفة والمخلوق الحقير يطلب إليه حاكم الخط سيد الناس أن يعلمه مالايعلم فوقف حائرا زائغ العينين ملجوم اللسان لايدرى بماذا يجيب .
-          فصرخ الحاكم فى وجهه صرخة إنحلت لها مفاصله و إرتخت معها أعصابه فساب اللسان وتدلى من فمه خوفا وجزعا وسمع الحاضرون بكل صعوبة مانطق به لسان هذا الغلبان : أنا لا أعرف المكر ولم يسبق لى دخول المدارس حتى ولا الكتاتيب , فإشتعل غضب الحاكم وقدحت عيناه شرارا على القبطى لأنه حسبه يخفى مكره ويضن به عليه فتوعده بصنوف العذاب والتنكيل وهدده بأن يقطع كل يوم من لحمه قطعة إن لم يعلمه المكر .
-          وفعلا أمر بالسيف فأحضروه وفى وجه الغلبان أشهروه , فأطل الموت من غمده وأبرقت عيناه من وميضه فتجمعت أشعة عقل القبطى من شتاتها وإنحصرت فى نقطة الموت البارق الذى خطف نظره , فما عاد يفكر فىسواه , وعندها فتقت الحيلة وإنكشف الغطاء عن جوهرة العقل , فتقابل لمعان السيف بلمعان العقل وتغلبت حدة الذهن على حد السيف , وتوارى بريق السيف ولمعانه أمام إشراق العقل , فكان السيف للعقل بمثابة " الزناد للصوانة " قدحها فأخرجت شرارها ونارها
-          فإذا بالقبطى ينقلب رجلا آخر فيصيح كما صاح أرشميدس الذى قال وجدتها وجدتها , لأنه وجد مافتش عنه الحاكم فيه فلم يجده , صرخة هى فى الحقيقة صدى لصرخة الحاكم التى ترددت فى جو عقله الراكد فحركت كوامنه وأيقظت مشاعره الداخلية . وطالما كانت الشدائد والإضطهادات المرة القاسية  التى تصغر معها النفس ويضيع معها الرشد ويغيب عنها الصواب منوما مغنطيسيا يحلل كبتات النفس وينتزع عقدها ويزيل عللها ويفتق حيلتها ويجعلها صالحة لكل أمر من أمور الحياة .
-          فقد قرانا عن سيدة محسنة كانت تهتم بتثقيف النشّ ,  ففتحت مدرسة على نفقتها الخاصة وكان لها إبن وحيد ولكنه بليد مسدود المخ , فأراد المدرسون أن يعلموه قطعة شعرية ليلقيها فى حفلة ختام السنة المدرسى , فقضى الشهور الطوال والمدرسون يسهرون معه علّه يستظهرها و الأم فى إنتظار , فخابت جهودهم وضاع تعبهم سدى .
-          وقبل الحفلة بيوم جاءوا إلى الأم المسكينة وصرحوا لها بحقيقة أمر إبنها وبلادة عقله , فنظرت إلى إبنها فى صمت عميق ثم إنفجرت إنفجارا هو دوى صوتها الذى رن رنة مفجعة وقالت : آه يا حزنى عليك يا إبنى , فما دوى صوتها هذا فى جو عقله حتى سقطت أسوار بلادته , كما سقطت أسوار آريحا من أصوات الأبواق الإسرائيلية , صرخ الولد مرددا صوتها قائلا : حفظتها يا أماه , ولشد ما أدهشها حينما تلا الولد القصيدة أمامها مستظهرا أياها بحذافيرها وحسن توقيعها .
-          وهكذا صاح القبطى صيحة ماكرة وقال : أه يانارى ! يعوض ربنا فى صنعة الجدود ! , ففرح الحاكم وأبرقت أسارير وجهه وقال : " جانم قبطى خرسيس " !! طلع اللى عندك ! جنس فرعون ماتجيش إلا بالخوف والشدة !! , أجابه القبطى وقال : لولا أنى متزوج وعندى طفل صغير وليس له ولا لأمه من يعولهما لفضلت أن أموت بهذا السيف عن أن أسلمك صناعة الجدود , فما باليد حيلة , لك بخت يا أفندينا .
-          هات لىّ شوية كتان مندوف , فأمر الحاكم بذلك , فأحضروا أمامه كمية منه , فقال القبطى للحاكم : أمسك الكتان وأفتل بيدك حبلا طويلا وأنا أمسك لك الحبل  الذى تفتله , ففعل الحاكم وكان القبطى كلما طال الحبل يخرج إلى الخارج حتى مل الحاكم وتعبت يداه من الفتل , فقال : لقد تعبت فمتى تعلمنى المكر أو متى يأتى , أجابه القبطى : نحن لم نتعلم المكر إلا بالصبر والتعب والإنتظار فإن كنت لا تصبر وتتعب لايمكننى أن أعلمك وإلا إذا كنت تريد قتلى فإقتلنى لأنى ندمت على صناعة الجدود . فأجابه الحاكم وقال : لا أنيلك غرضك فلا أميتك بل لابد لى من أن أطيل بالى وأصبر وأحتمل حتى أستلم منك صناعة الجدود .
-          ولم يدر أن القبطى قصد بهذا توريطه وإستمهاله ليكتسب الوقت , فجدد الحاكم عزيمة جديدة بل قل أنه فتح إعتمادا جديدا فى ميزانية الصبر والإنتظار و إستأنف الفتل حتى طال الحبل وتمكن القبطى من الوصول إلى آخر الشارع فدخل إلى الحاكم وقال : شد حيلك كمان مجهود بهذا القدر وهاهو المكر بدأ فى الظهور , وتركه وعاد يمسك بالحبل ووضع الحاكم فى مخه أن يستمر قدر هذه المدة أيضا فلما إستوثق القبطى من هذا ربط طرف الحبل فى وتد ودقه فى حائط وفر هاربا وسابه يفتل .
-          فلما تعب الحاكم من الفتل نادى القبطى ليستعجله المكر فلم يجده فهاج وماج وأزبد وأرغد وتوعد وتهدد وصاح بعساكره أن يخرجوا للتفتيش عليه وان يسابقوا الريح بخيلهم حتى يعودوا به أليه . فخرجوا فى مفارق الطرق مفتشين حتى عثروا عليه بعد يومين فشدوا وثاقه وعادوا به إليه .
-          فلما وقعت عين القبطى على عين الحاكم رأى الموت يطل عليه مرة أخرى ولكن فى هذه المرة ياس وإستسلام , كان هذا أيضا التنويم عينه لأن ضياع الصواب والرشد فرصة لظهور العقل الباطن فعادت ريمة لعادتها القديمة  ففتقت الحيلة ورفع القبطى رأسه وعلا صوته وقويت عينه على الثبات أمام عين الحاكم المتقدة بالغضب ورده على تهديده وقال : على م تتهدنى وهل يليق بالتلميذ أن يهين معلمه ؟ ! .
-          فإندهش الحاكم لجرأة القبطى وقال : كيف لا أعذبك وأنتقم منك لأنك تسخر منى وتفر هاربا وتسيبنى أفتل ؟ , أجاب القبطى فى رباطة جأش : ماذا تريد منى ؟ ألست تريد أن أعلمك المكر وقد علمتك وأعطيتك أول درس بأن أريتك كيف تتخلص ممن يضايقك بطريقة عملية وأريتك كيف تهرب منه وتسيبه يفتل .
-          فضحك الحاكم وأفعم قلبه سرورا وقال : إذن أنا اليوم تعلمت مبادىء المكر ؟ , أجاب القبطى : نعم لقد صرت اليوم كواحد منا تعلم كيف تمكر على الناس بمثل ما مكرت عليك . فأنعم عليه  بمبلغ كبير من المال وطلب إليه أن يعطيه درسا ثانيا . أما القبطى فقال له : أن هذا الدرس أجهد قواى العقلية ولابد لىّ  من بضعة أيام  اكل فيها وأشرب و أتريض حتى أجدد قواى وأحضر لك درسا ثانيا .
-          فصرح له الحاكم بأجازة مدة أسبوع إستعد القبطى فى خلالها للرحيل عن البلد , والتخلص من هذه العقلية وهو يقول : أما الدرس الثانى فسوف تتلقاه من غيرى ممن يرميه نحس طالعه  بين يديك كما أنقذنى حسن الحظ من يدك و وخرج من أمامه لايلوى على شىء مودعا الوطن وما فيه من أهل و صحب و إخوان متمثلا بقول الشاعر : -
إذا حل الثقيل بأرض قوم      فما للساكنين سوى الرحيل


***********************************************
-          نقلا عن مجلة المنارة المرقسية لصاحبها القمص سرجيوس خطيب ثورة 1919م
-          نشرت بتاريخ 19 سبتمبر سنة 1931م
_________________________

من أجمل ما قرأت ( 2 )

من أجمل ما قرأت ( 2 )


من هذه ؟

(  دعوة )

بسم اللـه القوى

سادتى الأعزاء :
إسمحوا لى أن أقف بين أيديكم لأتلوا على مسامع حضراتكم كلمة أرجو أن تصغوا إليها وتعيروها جانب إلتفاتكم , لما عهدت فيكم من المروءة والإنسانية والآخذ بناصر الضعفاء والعطف على البائسين خصوصا من كانوا قبلا أبطالا وشجعانا أصحاب مجد وسؤدد , فأناخ عليهم الدهر فأصبحوا فى حال يرثى لها
سادتى الأفاضل :
جئت لأعرفكم بإمرأة عجوز شمطاء , كانت بالأمس غادة هيفاء وهى الآن واقفة أمامكم , فإنظروها قد سترت وجهها بنقاب كثيف مخافة أن تظهر بهذا المنظر المحزن .
 هى تعرفكم وأنتم تعرفونها ولكن حصلت موانع إضطرتها إلى الإنزواء فنسيتموها .
 أفلا تعرفونها الآن إذا كشفت لكم النقاب عن وجهها , فإذ بها أقرب الناس إليكم , ومن هى هذه المرأة ؟
هى لغتكم القبطية
تلك اللغة تناديكم وتقول : ألا أبنائى أغيثونى و إنتشلونى من تلك الهوة التى سقطت فيها . لا تأنفوا منى إذا نظرتمونى فى هذه الحالة الكئيبة .
إنكم إذا إقتربتم منى وعالجتمونى رجعت إلى مجدى الأول الزاهر فترفعون رؤوسكم تيها وعجبا .
أنا أمكم أحن إليكم وأنتم تبتعدون منى وتقسون قلوبكم على . أليس يؤلمكم أن يعتنى بى الغرباء و أنتم أبنائى تغضون الطرف عنى .
مدوا يد مساعدتكم إلى و إنظمونى فى مصاف أخواتى اللغات الآخرى الحية لتكونوا مأثورين , و إسعوا فى إنقاذى من هذا الحضيض
و إلا فلا تفتخروا من الآن وتقولوا نحن نسل الفراعنة الفضلاء , فلا أظن إنكم راضون
والسلام " كونوا معافين "  


***********************************************
-          من خطبة للدكتور إبراهيم حلمى باللغة القبطية نشرت سنة 1909 م فى المجلة القبطية
-          نقلا عن كتاب " لغتك " الحلقة الثانية 1969 م تأليف مراد مرقس بولس
_________________________

قصة الشعب الغريب ( 7 )

قصة الشعب الغريب 
الباب الخامس : لقطات 


الإنتفاضة

( أخر محاولة )

بسم اللـه القوى

-          هل سمعت يا أبى عما حدث فى الريف فقد قام بعض من الأقباط بإخراج إبنهم من السجن ليلا بعد أن أمر القاضى بحبسه
-          ولماذا حبسه ماذا كانت تهمته ؟
-          قد إشتكاه البعض بأن جده كان مسلما , فأمر القاضى بأن يترك دينه ليدخل دينهم وإلا يقتل ولما رفض ألقوه فى السجن , فقام أهله وأخرجوه ولكن ثار المسلمون جدا وأعتدوا على الأقباط والكنيسة وسلبوها ونبشوا القبور وأحرقوا الجثث وقد إشتكى الأقباط للسلطان فأمر بعزل القاضى وقد سمعت أن آحد الشيوخ إعترض على عزله ومحاكمته من أجل إذلال الأقباط
-           نشكر اللـه على عظيم عمله , يوجد الآن الكثير من هؤلاء المشايخ بأفكارهم المسمومة ضدنا , لا أحد يعلم ماذا يدبرون لنا مرة أخرى بعد الأحداث الماضية التى لاتنسى , ولهم تأثير على بعض الولاة والقضاة و أحيانا السلاطين
-          كانت أياما صعبة فى الماضى , أعتقد يا أبى أن هذه أول مرة يقوم الأقباط بهذا الأمر , ويدافعوا عن حريتهم ؟
-          لقد إنتفض الأقباط كثيرا من قبل فى أيام الأمويون والعباسيون , ولكنها كانت ثورات محدودة فى المكان والزمان والأشخاص وقد كانت أهمهم ثورة أهل البشموريين التى إستمرت فترة من الزمن
-          لماذا كانت محدودة وما أهدافها ومانتيجة ذلك علينا ؟
-          كل تلك الثورات إنتهت بمذابح وإبادة لأهل تلك المناطق وبالأخص البشموريين و قد قال لىّ أحدهم أحد الأراء التى قالها  أحد علمائهم يصف ماحدث من الأقباط فى أحد كتاباته  فقال " حينئذ أذل اللـه القبط فى جميع أرض مصر وخذل شوكتهم فلم يقدر أحد منهم على الخروج ولا القيام على السلطان " , مرة أنتفضوا من أجل ظلم الولاة فى قياس الأراضى وزيادة الخراج ومن أجل الشدة فى جمع الجزية فى كورة قربيط , الحوف , سمنود , ورشيد , وسخا , بلهيب والبشموريين التى إستمرت من أواخر أيام الأمويون حتى تولى العباسيون البلاد لفترة طويلة حتى تم القضاء عليهم وبيعوا وسبى أكثرهم ومن بعدها لم يقم الأقباط بأى إنتفاضة ضد السلطان
-          الأحظ يا أبى أن كلها كانت فى الأرياف ولا يوجد مثلها هنا فى الصعيد , ولماذا فشلت بهذه الصورة ؟
-          قد لاحظت ذلك أيضا ولكن ربما حدث ذلك ولم يذكره التاريخ لنا لأسباب كثيرة , ولكن فشلت تلك الثورات لأنه لم يكن لها ترتيب مسبق بل كانت رد فعل لما يحدث لهم من ذل ومهانة وبعضها كان بالإشتراك مع بعض من الشعب الغريب ضد ظلم الولاة , كانت لهدف محدد وهو رفض الظلم وكان الرد من الولاة والحكام هو الإبادة , لم يكن هدف تلك الثورات هو البحث عن الحرية أو الإستقلال فهذا أمر نساه الأقباط منذ زمان طويل
-          هل حاول أجدادنا البحث عن الحرية من قبل ولماذا الفشل دائما ؟
-          منذ أيام الروم تقوم بعض الثورات بحثا عن الحرية وللتخلص من الظلم وقد فشلت جميعا  كما ترى , لماذا ؟ سؤال يحيرنى كثيرا عندما أفكر فى هذا الموضوع لقد فقدنا حريتنا منذ زمان طويل جدا , لم يعد يحكمنا أحد منا , كما تنبأ حزقيال النبى عن هذا الأمر عقاب من اللـه ولكن هل هذا عقاب مستمر لأخر الأيام ربما
-          وهل يوجد عقاب للأبد ؟ فحزقيال أيضا تنبأ عن مصر أن تكون أحقر الممالك , وهل كان لهذا أثر سلبى على الأقباط ؟ هل فقدنا روح الثورة والرغبة فى التغيير والحياة الأفضل ؟
-          هذا سؤال لا أعرف له إجابة ! ولكن أعتقد أن المشكلة فى داخلنا نحن ,  قد نسينا من نحن ؟ نسل الفراعنة العظام , روح الإنكسار فى داخلنا وليست بسبب إيماننا , نحتاج أن نؤمن بقوة الرب يسوع ونسلم أنفسنا فى يديه ثم نتحرك بحكمة الأقباط لننال حقوقنا ! لدى بعض الأوراق عن تلك النبوات , ربما يوما ما نقرأها سويا
-          أتمنى ذلك يا أبى , لنرجع لما حدث , لماذا فشلت تلك الثورات ؟
-          كما قلت لك كانت تلك الثورات تقوم فى أماكن محددة لم تنتشر فى كل البلاد , ولا يوجد فى بلادنا قائد يقود الأقباط فى كل أنحاء مصر نحو الحرية , لا يوجد فرعون مصرى , ولاتنسى أن الأقباط ليس لديهم القدرة على القتال فلم يتدربوا عليه منذ زمان طويل وليس لديهم السلاح ليتدربوا عليه , يوجد شىء مفقود لدينا , و أعتقد الآن قد إختلفت كل الأمور فنحن صرنا أقلية فى العدد والثروة ولكن ربما نشترك فى حكم بلادنا بصورة ما فى المستقبل من يدرى
-          وأباء الكنيسة أين دورهم فى تلك الأمور ؟
-          ليس هدف الكنيسة أن تقود شعبها للحرب أو القتال كما فعل الأفرنج أيام آل أيوب بل للحياة السمائية , لفترة من الزمن كانت الكنيسة مسئولة عن تدبير أمور أولادها أمام السلاطين بأوامر منهم لأنهم غرباء عن البلاد وكان الأراخنة يقومون بتدبير هذه الأمور , ولكن كان الحكام يقومون بتقسيم البلاد وفصلها عن بعضها حتى لايكون هناك وحدة بينهم , فنحن لا ندرى عما يحدث فى الريف فى الشمال بل نسمع فقط وليس لنا شركة معهم بصورة قوية , والكنيسة تصلى دائما من أجل هؤلاء الرؤساء لكى يعطينا الرب رحمة فى عيونهم وكان اللـه يستجيب دائما , ولاتنسى أن لبعضنا دور كبير فى بعض مصائبنا بسعيهم دائما لشهوات العالم  السلطة والمال
-          ولكن يا أبى كان من الممكن للكنيسة أن تقوم بدور أكبر فى هذه الثورات ؟
-          للأباء حكمة روحية فى هذا الأمر فهم ينظرون للأمور بنظرة شاملة وليس تحت أقدامنا فقط بل للمستقبل , فكل تلك الثورات كانت نتيجتها معروفة وهى الفشل والخراب لأننا أصبحنا محاصرين منهم من كل جانب وللأسباب التى ذكرتها سابقا ولكن كانت المشكلة الأكبر فى العنف الشديد من جانب الولاة كان يمكن أن تحل تلك الأمور بسلام وهذا ما كان الأباء يسعون إليه , نحن لا نعرف القتال ولا نعرف سوى الإحتجاج السلمى الذى ربما يحنن قلوب المتولين علينا أحيانا , ألا تذكر ماسمعنا عنه منذ فترة عندما جاء كثيرون ممن إرتدوا للولاة وأرادوا العودة لديانتهم الحقيقية كيف ذبحوهم فى الميدان بصورة بشعة , إنهم شعب عنيف جدا , ربما صدق ماقاله أحدهم " قد ذل الأقباط " ولكن ربما ذلك جسديا ولكن أرواحنا مازالت حرة ولن تذل أبدا
-          إحكى لى عن ثورة البشموريين يا أبى ؟
-          سأحضر لك بعض الأوراق التى تتحدث عن تلك الثورة غدا


***********************************************
-          عثر على تلك الورقة ضمن الأوراق التى كتبت باللغة العربية فقط
-          تشير لأحداث تمت فى عهد البابا يوحنا الـ 83
-          توجد أيضا أوراق عن ثورة البشموريين
-          وتوجد أوراق عن مصر فى نبوات الكتاب المقدس وأيضا مصر فى كتابات بعض المؤرخين القدماء
-          نبؤة حزقيال 29: 14,15 " وأرد سبى مصر وأرجعهم إلى أرض ميلادهم ويكونون هناك مملكة حقيرة , تكون أحقر الممالك فلا ترتفع بعد على الأمم وأقللهم لكيلا يتسلطوا على الأمم "
-          نبوة حزقيال 30 : 13 " هكذا قال السيد الرب وأبيد الأصنام وأبطل الأوثان من نوف و ولايكون بعد رئيس من أرض مصر وألقى الرعب فى أرض مصر "
-          المؤرخ العربى هو المقريزى فى كتابه " المواعظ والإعتبار " الجزء الأول
-          هذه الورقة هى أراء شخصية لكاتبها ولم يذكر أسمه ولا أعتقد أنها كانت رأى عام فى تلك الفترة
_________________________

قصة الشعب الغريب ( 6 )

قصة الشعب الغريب 
الباب الخامس : لقطات

العوام

( من أحداث التاريخ )

بسم اللـه القوى

-          لم أنم تلك الليلة بسبب ما سمعته من إبن عمى عما حدث فى بلدته دميرة من أحداث فى الفترة الماضية وظللت أفكر فيما يحدث لنا منذ تولى الغز الأكراد البلاد وأدعو الرب أن ينجينا سريعا من تلك الأيام
-          كانت الأيام السابقة لتلك الدولة تحمل بذار لما يحدث الآن من حروب الأفرنج وتولى الأرمن الكثير من المناصب وتجديد الكثير من الكنائس الذى على مايبدو أثار غيظ الكثير منهم
-          حكى لى إبن عمى فى زيارته السابقة عما حدث لكنيسة بلدته دميرة , كنيسة الست العذراء , فهى كنيسة كبيرة بها أعمدة رخام , ولكن قام المسلمون بهدمها وجعلت مسجدا وكان هذا الأمر بسبب شخص يدعى أحمد إبن شكر وهومشرف الديوان فى البلدة وقد عمر حماما أمام البيعة
-          ويبدو أن وجود الكنيسة أمام حمامه لم يعجبه لسبب ما فى نفسه , فأخذ يتحيل لهدمها ويحرض أهل البلدة من المسلمون وعوام الناس منهم وقاموا بهدمها , فإشتكى النصارى للسلطان وقد كان إبن عمى من الذين جاءوا لهذا الأمر و قد أعطاهم السلطان مرسوما لإقامتها كما كانت ولكنه لم ينفذ
-          وهذا ما قاله لى إبن عمى فى تلك الزيارة , المرسوم السلطانى لم ينفذ لأن أولاد شكر منعوهم وأثاروا عليهم العوام من المسلمين ولم ينفذ المرسوم خوفا من العوام وهياجهم و لقد تجرأ علينا العوام وزادوا فى طغيانهم ولا يوجد من يردعهم
-          وكيف يوجد من يردعهم وينفذ المرسوم السلطانى وهذه الدولة قامت بما هو أكثر من ذلك , لبغضهم للنصرانية , ويبدو أن حروبهم مع الأفرنج وإنتصارهم فى أغلب الأحيان قد زادتهم قسوة علينا , فمنذ بداية حكمهم فعلوا بنا الكثير
-          عندما تولى شيركوه الوزارة بعد أول شهر من حكمه أمر ان يلتزم النصارى بالزى كما شرطوا علينا , وخليفته صلاح الدين كن لقبه " الملك الناصر صلاح الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين جامع الإيمان , قامع عبدة الصلبان , محيى دولة أمير المؤمنين "
-          وقد حارب الأفرنج وإنتصر عليهم فى مواقع كثيرة وإسترد منهم أورشليم المدينة المقدسة وقد سمعنا رسائله التى أرسلها من هناك ويقول فيها " إستقر الإسلام فيها بوطنه وعاد إلى سكنه ورجع جوهره فيها إلى معدنه , قام المؤذن مكان النواقيس معلنا كلمة التوحيد , زالت سمة الصلبان من جهاتها وأنحائها , أحمد اللـه على تغيير البيع والصوامع بالمساجد والجوامع , وتبديل النواقيس بالتأذين والتقديس , وتحويل تعظيم صليب المصلوب بتمجيد الحى الذى لايموت "
-          وكان هذا مجرد تعبير عن أرائه وأفكاره جهتنا , أما الفعل فقد أصدر أوامر فى بداية ملكه بنزع الصلبان من فوق كل الكنائس و أن تليس كل الكنائس البيضاء بالطين الأسود من الخارج و أن لايدق ناقوس فى مصر ولايدور النصارى بالزيتونة خارج الكنائس فى آى مدينة أو قرية كالعادة الأولى وقد منعنا نحن هنا فى حارة زويلة من ذلك وسمعت أن فى الأسكندرية أيضا حدث ذلك ( المقر البطريركى فى القاهرة والأسكندرية )
-          بجانب أن يلتزم النصارى زيهم ليعرفوا من المسلمين وأن يشدوا الزنانير على وسطهم ويركبوا الحمير فقط ولايشربون الخمر جهارا و أن يخفضوا أصواتهم فى الصلاة
-          مما طمع أوباش المسلمين فينا وأهانوا النصارى وطغوا عليهم فى هدم الكنائس وتحويل الكثير منها لمساجد مثل ما حدث فى دميرة وطمبدى والكثير أيضا
-          مثل كنيسة العذراء فى الحسينية والمطرية و مارجرجس بشطا وتادرس بإبيوهة وأرميا النبى فة الأسكندرية و أبوفام بسمالوط والعذراء بأسوان وكثير منها نهبت أعمدته وهدمت لبناء مساجد او قصور للولاة كما فعل مقطع السلطان فى نواحى مليج و طندتا
-          ولم يكن العوام فقط الذين يقومون بهدم الكنائس بل السلطان أيضا فقد هدمت كنائس كثيرة وأخذت أحجارها لتحصين دمياط مثل كنيسة العذراء باتريب وكنائس المحلة وشبرا دمسيس ودملوا وسنهور وطلخا ودمياط وغيرهم الكثير ومنعوا الرهبان من أوقاف الأديرة وفرضوا عليهم الجزية هم وكهنة الأسكندرية
-          بجانب أيضا ماقاموا به تجاه باقى المسيحيون أخوتنا فى الإيمان فقد قتلوا الكثير من الأرمن الذين كانوا فى مصر إنتقاما من الوزراء السابقين , وفى النوبة سمعنا أنهم حرقوا الصليب و أذنوا على الكنائس وباعوا الأسقف فى الأسرى , وقتلوا كل الخنازير التى يقتات منها النوبيون
-          وكنيسة القيامة فتحوها للزيارة فقط لجلب المال من رسوم الزيارة وسمعنا عن هدم العوام للكنائس فى دمشق لكل الطوائف المسيحية الملكانيون والنساطرة
-          السلاطين يدوسون علينا ويتركوا العوام يطغون علينا
-          كيف يأتى النوم والنصارى فى تلك الحال , لا يعرفون من أين ستأتى الضربة القادمة من السلطان أم من العوام
-          الرب ينجينا بصلوات القديسين . أمين أمين

( كتب فى هامش أسفل الورقة  , ويبدو أنه كتابة أحدث قليلا مما سبق )
-          ولكن بصلوات أبينا البطريرك أصلح اللـه قلبه فى أواخر أيامه بعد عودته من الحرب الأخيرة وعمل الهدنة مع ملك الإنكتار فقرب النصارى و أعاد إستخدامهم فى الديوان وصار منهم كتبته
-          فركبوا الخيل والبغال ولبسوا الثياب المفرحة وساروا معه فى الغزوات كتاب ديوانه وكتاب أهله وأقاربه , وحفظ كل منهم حرمة كاتبه فصار لكلمتهم جمال , مال وجاه ونفاذ كلمة وعز
-          ونقل اللـه بصبرهم وصلوات بطريركهم ورجوعهم إلى اللـه وطاعتهم لرئيسهم , ذلهم إلى عز و إهانتهم إلى كرامة وبغضهم إلى محبة وضعفهم إلى قوة
-          وأكثروا من الصدقات ولازموا الصلوات وتشبهوا ببعضهم البعض فى المسارعة لعمل الخيرات , فنمت أرزاقهم وصحت أجسامهم وكثرت بنوهم وبناتهم وخزائنهم من خيراتهم
-          وصلحت أمورهم وطابت قلوبهم وإنشرحت صدورهم وعلت كلمتهم عند سلطانهم فرمموا بيعهم وفتحت لإقامة صلواتهم والدعاء للـه بسلامة سلطانهم , بكتبه لولاة الأعمال رموا ماكان وهى وبنوا ماكان هدم وعادت الأمور إلى ماكانت عليه من السلامة
-          وقد رضى اللـه عن شعبه بصلوات أبينا البطريرك وهم محفوظين ولم يهلك منهم إلا إبن الهلاك
-          ونحن بصلواته محفوظين وبعين السلامة والكفاية من اللـه ملحوظين أمين أمين

( كتب فى ظهر أحد الأوراق )
-          ولكن دوام الحال من المحال مع عودة الحروب مع الأفرنج وهجومهم على الديار المصرية ,  وصراعهم مع بعض على السلطان فى مصر والشام
-          زاد العوام فى ظلمهم لنا وأصبح النصارى لا يجدون منقذا من السلاطين أو من العوام أو من الأفرنج الكل كان يسعى لهدم ماقد بنى أو ترمم
-          وقد تولى أحد أولاد بنى شكر القضاة , وصارت حالة البلاد سيئة بسبب مجاعة قد حدثت


***********************************************
-         هذه الورقة ضمن الكتابات باللغة العربية
-         هذه الأحداث فى عهد البابا مرقس الـ 73
-         الدولة المشار إليها هى الدولة الأيوبية وحربها مع الأفرنج
-         ملك الإنكتار هو ريتشارد ملك إنجلترا
-         الجزء الذى كتب فى الهامش منقول من تاريخ البطاركة سيرة البابا مرقس الـ 73
_________________________